صور من المفارقة في رسالة الغفران لأبي العلاء المعرّيّ

د. نزار عبدالله الضّمور

الملخص

يهدف هذا البحث إلى دراسة المفارقة في "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعرّيّ، بوصفها واحدةً من أهمّ رسائل العصر العبّاسيّ النّثريّة في القرن الخامس الهجريّ، ولما يتمتّع به كاتبها من مكانة بين الأدباء والشّعراء والنّقّاد؛ إذ انمازَ بقدرته الشّعريّة والنّثريّة على حدّ سواء، إضافة إلى طبيعته الشّخصيّة وما عايشه في حياته من مصاعب أدّت إلى ذلك الأثر النّفسيّ والاجتماعيّ، الّذي برز واضحاً في أعماله الإبداعيّة من نقمته على المجتمع، وتشاؤمه المستمرّ، ونقده القاسي لزمانه وأهله.

وجاءت الدّراسة في مقدّمة تبيّن أهميّة المفارقة في الدّراسات الأدبيّة والنّقديّة الحديثة، ومحورين: الأوّل نظريّ يستعرض مفهوم المفارقة لغةً واصطلاحاً، وموضوعاتها وعناصرها، وما يتعلّق بها من حيث أشكالها، وتطبيقاتها في اللّغة والصّورة.

وأمّا المحور الثّاني الإجرائيّ: فيضطلعُ بالدّراسة الفنيّة لعناصر المفارقة وأشكالها المتعدّدة في الرّسالة؛ إذ يظهر ذلك في لغتها، وأسلوبها، وصورها، ممّا يسهم في رفع قيمة الرّسالة الفنيّة، والجماليّة، واللّغويّة، والتّصويريّة، الأمر الّذي يدهش المتلقّي، ويدفعه للبحث عن تلك الجماليّات من جهة الشّكل والمضمون.

وقد تبيّن من خلال الدّراسة أنّ المعرّيّ اعتمد على المفارقة بأنواعها المختلفة، اللّفظيّة، والحركيّة، والدّراميّة، والرّومانسيّة، والسّقراطيّة، ومفارقة التّنافر والتّجاور؛ للكشف عن حالة التّناقض الّتي يجدها في عالم البشر بين الحقيقة والواقع، والصّدق والكذب، كما يظهر التّنافر والتّضادّ بينه وبين شخصيّة ابن القارح الّذي يمثّل صورة الإنسان المنافق المتقلّب، الّذي يتظاهر بالتّديّن، ولا يتطابق قوله مع فعله.