تمثُّلاتُ التَّشيُّؤ في شعر محمد عفيفي مطر

الملخص

  مُنْذُ وجد الإنسانُ، وهو يبحثُ عن تحقيق إنسانيته، وموقعه الوجوديِّ على هذه الأرض. وعلى الرغم من كل ما حققه الإنسان من القفزات المعرفية، والتقدم العلمي والتكنولوجي، والذكاء الصناعي، وثورة الاقتصاد، والثورات الحديثة، التي تمثّلت لاحقاً في العولمة، فجعلت من العالم قرية صغيرة، إلا أن سعادة الإنسان، في الغرب والشرق، في تناقص واضح، حتى لم يعد الإنسان منسجماً مع نفسه، بل انفصل فيه الإنسان عن الإنسان بَلْهَ انفصاله عن مجتمعه. لقد بدأ إنسانُ هذا العصر يشعر بتقلبات مزاجية، وافتقار إلى العاطفة، وشعور بالسأم، والوحدة، ومعاناة القلق، والاكتئاب. وقد أسهمت ثورات الاقتصاد وثورات الاتصال في تغريب الناس عن ثقافاتهم الإنسانية، وأحدثتا ظاهرة تغريبية لا تخطِئُها العين؛ إنها ظاهرة التَّشيُّؤ.

ولعل ما أنتجه القرنَ العشرون من حداثة ورأسمالية همَّشت الإنسان، بل أماتته وأحيت الأشياء؛ أي ما ينتجه الإنسان من سلع، ليتشيّأ الإنسان أمام منتوجاته السِّلعية؛ لهذا ليس عجيباً أن يقارب الشعراء، الإنسان المُسْتلَب، فيرونه يتسم بالتمزق والاستسلام، حتى وهو يحقق بعض المتعة الفردية الآنية، على حساب السعادة الجمعية طويلة الأمد.

هذا البحث ينطلق من فرضية يحاول اختبارها، وهي بروز ظاهرة التَّشيُّؤ وتمثلاتها في شعر واحد من شعراء الحداثة هو محمد عفيفي مطر، نظراً لترددها في شعره بشكل واضح، وبرؤية فلسفية متسائلة. ويقعُ البحثُ في قسمين: الأول تنظيري يَنْهَد لشرح مفهوم التَّشيُّؤ، والثاني إجرائي تطبيقي يختبرُ التنظير النقدي؛ لأن التطبيق أو الممارسة الإجرائية هي موضع اختبار النظرية وتحققها على الشاعر المدروس.